سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

ماذا تعرف عن الاويغور؟

الكثير من يتابع أحداث العنف الأخيرة في الصين والتي تقع في مناطق الأقلية المسلمة الذين يُطلق عليهم الإيجور، والحقيقة كنت أنوي أن أبحث على الانترنت عن تاريخ الإيجور في الصين وقصة وجودهم في الصين ‘لى أنا صادفني تقرير يقدم الكثير من التفاصيل عنهم، فرأيت أن اقدمه لكم كما هو مع إرجاع الحق لصاحبة التقرير الزميلة الكاتبة فاطمة إبراهيم المنوفي. التقرير منشور على موقع أخبار العالم على الرابط

http://www.akhbaralaalam.net/author_article_detail.php?id=1158

الأويغور شعب مسلم ينتمي الي العرق التركي، تقبع بلاده تركستان الشرقية تحت الحكم الصيني ، و يطلق الصينيون عليها اسم " شنكيانغ اويغور أوتونوم رايون" يعني : (مقاطعة شنكيانغ اويغور الذاتية الحكم) . شنكيانغ تعني المستعمرة الجديدة ، أو الوطن الجديد ، وكانت تتمتع قديمًا بأهمية كبيرة في التجارة العالمية؛ فكان طريق الحرير المشهور يمر بها ويربط الصين ببلاد العالم القديم والدولة البيزنطية .

تركستان الشرقية هي جزء من تركستان التي ربما لم يسمع عنها الكثيرون منا ، بل و ربما لا يعرف عنها لا القليل ولا الكثير ، لكننا جميعا نعرف من أنجبتهم هذه الأرض من العلماء و الفقهاء الأجلاء الذين أثروا الحضارة الإسلامية في شتي صنوف العلم و المعرفة ، و الذين صنعوا العصر الذهبي للدعوة الإسلامية مثل الامام البخاري و الترمذي و الفرابي ،فهي جزء لا يتجزأ من أرض الإسلام .

و قد أعز الله شعوب تركستان بالإسلام فحولهم الي قادة و سادة فكانوا الفرسان الأبطال الذين رفعوا راية الإسلام عالية لعدة قرون، وحرروا الكثير من الشعوب من الظلم و الطغيان ، و كان لهم دور كبير في نشر الإسلام ، فقد كانوا يُطبّقون سياسة الجهاد من ناحية، والتبشير السلمي من ناحية أخرى، فساعدت جيوشهم بصورة كبيرة في الفتوحات الإسلامية التي وصلت الي العديد من الدول الأوربية ، و علي أكتافهم قامت دول إسلامية عدة: كدول الأتابكة و الغزنويين و الطولونيين و الإخشيديين و والسلاجقة و المماليك ، و تنتمي جميعها الي العرق التركي الآتي من تركستان . فكم كان لهم من أيادٍ بيضاء في إنقاذ الأمة الإسلامية وصدِّ الزحف الصليبي عنها، كما أنهم من أكثر الشعوب تمسكًا بالعقيدة وصفائها، وحفاظًا على التراث الإسلامي ومجده، ودفاعًا عن الحضارة الإسلامية. فهم مقاتلون شجعان و ليس أدل علي ذلك من أن سور الصين العظيم قد بني بسبب خوف ملوك الصين من شعب تركستان.

كما أن الأتراك العثمانييين قدموا من تركستان وأقاموا دولتهم الاسلامية التي كانت أطول عمرا و أعظم تأثيرا من كل الدول السابقة ، و فتحت القسطنطينية وطرقت أبواب أوروبا الغربية ، و حمت المسلمين لقرون طويلة من الغزو و الإحتلال الصليبي الذي مزق شمل الامة و ما زال يعبث بمقدراتها.

و ليس تصادفا أنه بعد سقوط الخلافة العثمانية بعقدين و نصف العقد تقريبا قامت دولة إسرائيل علي أرض فلسطين عام 1948 بمباركة بريطانيا، و قامت الصين بمباركة روسيا بإحتلال تركستان الشرقية (أيغورستان) -أرض الأتراك- عام 1949 ، و أُحتلت أرض العرب و المسلمين في مناطق عدة ، و فُتت الامة الاسلامية الي دويلات صغيرة. بل ان ما حدث كان نتاج خطط و مؤمرات دبرها الأعداء و خدعوا بها الكثير من العرب و المسلمبن.

تقع تركستان الشرقية في أواسط آسيا الوسطى وتحدها من الشمال جمهورية روسيا الإتحادية ومن الغرب الجمهوريات الإسلامية المستقلة عن الإتحاد السوفيتي السابق ومن الجنوب باكستان وكشمير والتبت ومن الشرق الصين الشعبية ومن الشمال الشرقي منغوليا الشعبية. و هي بذلك تتمتع بموقع إستراتيجي هام، ما يمثل مساحة وقائية من الأخطار الخارجية بالنسبة للصين.

تبلغ مساحتها 1.828.417 كيلومتر مربع ، أي خمس مساحة الصين . و حسب الإحصائيات الصينية فإن تعداد السكان بها هو 9 مليون نسمة تقريبا، إلا ان هناك جهات مستقلة قدرت تعدادهم بحوالي 25 مليون نسمة من الأتراك المسلمين، و اللغة المستخدمة هي اللغة الأيغورية ، و هي أحد فروع اللغة التركية ، لكنها تكتب بالحروف العربية.

غالبية السكان من الأويغور بالإضافة الي أقليات من القيرغيز و الكازاخ و الأوزبك و جميعهم يدينون بالاسلام و ينتمون الي العرق التركي، إلا ان الصين عمدت الي سياسة تهجير التركستانيين و إحلال الصينيين محلهم بهدف تصيين الإقليم.

دخل الإسلام هذه البلاد في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (86هـ - 705م)

وتم فتحها علي يد القائد الباسل قتيبة بن مسلم الباهلي عام 95 هـ، ومنذ ذلك الوقت صارت جزءاً من أرض الإسلام .

وقد إستولى الصينيون على تركستان الشرقية سنة (1174 هـ = 1760م) بعد أن ضعف أمر المسلمين بها، و قامت بينهم معارك دامية في عام 1759م ارتكبت خلالها القوات الصينية مذبحة جماعية قتل فيها مليون مسلم . ثم قامت الصين بإحتلالها في عهد أسرة المانتشو عام 1760، ،وفرضوا سيطرتهم عليها حتى عام 1862 ، لكن الشعب التركستاني لم يستسلم و لم يخضع للجبروت الصيني و استمر في مقاومته للإحتلال حتي إستطاع تحرير بلاده عام 1863 وأقاموا دولة مستقلة إسلامية تحت زعامة يعقوب بك بدولت الذي إستمر حكمه 16 عاما.

إلا ان الصراع الذي دار بين البريطانيين و الروس خلال القرن 19 للسيطرة علي آسيا الوسطي ، و هو ما عرف و قتها باللعبة الكبري ، و تخوف البريطانيين من ان ينجح الروس في ضم تركستان الشرقية الي أراضيهم بعد ان سيطروا علي معظم دول آسيا الوسطي المسلمة (تركستان الغربية) ، فقاموا بمساندة الصنيين و دعمهم للسيطرة عليها ، واستطاعت الجيوش الصينية الضخمة بقيادة الجنرال زوزونغ تانغ مهاجمتها و إحتلاها مرة أخرى في عام 1876 ومنذ ذلك التاريخ سميت

. . XINJIANG باسم شنجيانغ

وفي 18 نوفمبر 1884 ضمها الصينيون داخل حدود إمبراطورية المنجو وأصبحت تابعة لها. لكن الجهاد لم يتوقف ، و تابع التركستانيون كفاحهم و ثوراتهم و نجحوا مرتين الأولى في عام1933 و الثانية عام 1944 حتي نال الاقليم الإستقلال اثر الثورة التي قادها الشيخ على خان . و تمكنوا في منتصف القرن العشرين من إقامة دولة مستقلة إسلامية إلا أنها لم تستطع الإستمرار طويلا. حيث قام الإتحاد السوفيتي بمؤازرة الصين عسكريا و ماديا للقضاء علي هذه الدولة.

و في عام 1949م قام "ماوتسي تونج" (الزعيم الصيني الشيوعي) بفرض سيطرته على المنطقة كلها ، و بمؤامرة روسية صينية مشتركة ، تم القضاء علي زعماء القومية الأويغورية والكازاخية في جمهورية تركستان الشرقية الوليدة ، حيث أيقن الروس ان هؤلاء المناضلين سيدعمون أشقاءهم في دول آسيا الوسطى المسلمة في كفاحهم للتخلص من الشيوعية السوفيتية.

و تتابعت الخطط و المؤامرات للقضاء علي الإسلام و المسلمين في تركستان الشرقية ، تارة بتحالف الصين مع بريطانيا ، و تارة أخري بتحالفها مع روسيا ، فهدفهم جميعا هو القضاء علي الاسلام في أرض الاسلام . فتم تقسيم تركستان الشرقية إلى 6 مناطق ، و حكمتها الصين بقبضة من حديد ، فأُغلقت المساجد و تم تجريم إقتناء المصاحف ، و التعليم الديني وإقامة العبادات ، و أُجبر المسلمون علي تعلم الإلحاد و تناول الأطعمة المحرمة و علي تحديد النسل . وبنيت سجون لأخطر المجرمين علي أراضيها ثم توطينهم بها ، مما أدي الي إرتفاع معدل الجريمة بها. و عملت الصين علي إلحاق الأذي بمسلمي تركستان بكل ما أوتيت من قوة فقامت بإجراء تجارب نووية علي أراضيها ، ففي عام 1964 قامت بإجراء 35 تجريبة نووية دون إتخاذ أي تدابير لحماية المواطنين مما أدي الي زيادة معدلات الإصابة بالسرطانات , و التشوهات الخلقية .

وإن كان ماوتسي قد أعطى الإقليم حكما ذاتيا ، إلا أنه من الناحية الفعلية حدث العكس تمامًا، فالحكم ودفته في يد الصينيين وينفذه الموظفون التركستانيون بالإكراه . و تقوم الحكومة الصينية بالتمييز ضد الشعب التركستاني و تهجيره بهدف تغيير التوزيع السكاني بالإقليم و إحلال الصنيين محل التركستانيين.

كما عملت الحكومة الصينية علي قطع الصلة بين مسلمي تركستان الشرقية بالإسلام والمسلمين ، فمنعت سفر المسلمين إلى خارج البلاد كما منعت دخول أي أجنبي لتفقد احوالهم ، و من استطاع منهم الهروب الي الخارج لم ينجو أقاربه من العقاب في الداخل .

و منذ بداية الحكم الشيوعي و حتي الآن يعمل الصينيون علي تذويب الشعب التركستاني في المجتمع الصيني و طمس هويته ، ومن وسائل التذويب التي يتبعها الصينيون في تركستان الشرقية منذ سنين طويلة تشجيع الزواج بين التركستانيين والصينيين ، و كذلك إلغاء اللغة الأيغورية من المؤسسات التعليمية و الحكومية و إحلال اللغة الصينية محلها .

ولم يقف الظلم عند هذا الحد ، بل قامت الصين بنهب ثروات تركستان الشرقية التي حباها الله بكنوز هائلة و حرمان أصحابها من خيرات بلادهم . فبها إحتياطيا ضخما من البترول و الغاز الطبيعي ، و الذهب وتمتلك من الفحم ما يعادل (600) مليون طن، وبها أجود أنوع اليورانيوم في العالم، كما انها بأرضها معظم المعادن و المواد الخام التي تمتلكها الصين ؛ لذا فهي عصب إقتصاد الصين وعصب صناعاتها الثقيلة والعسكرية، فالصواريخ الصينية النووية، والصواريخ البالستية عابرة القارات تنتج في تركستان الشرقية.

وقد إستغلت الصين أحداث 11 سبتمبرن و ركبت موجة الحرب علي الإرهاب في قمع المسلمين الأويغور ، و إتهمتهم زورا وبهتانا بالتطرف و الإرهاب و موالاتهم لطالبان و تنظيم القاعدة ، مع أن ليس لهم أي علاقة لا بهذا و لا ذاك. و هي بذلك تحاول تضليل العالم بأن قضية الأويغور ليست قضية شعب و حقوق إنسان بل قضية "إرهاب و تنظيم القاعدة" و الضحية هي الصين.

الاويغور في أمس الحاجة لدعم العرب و المسلمين، للضغط علي الحكومة الصينية لرفع المعاناة عنهم . فها هم المسلمون الاويغور يستنجدون فهل من نصير؟

تعليقات