سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

بالأمس كانت هنا...

ارتعشت يده بشده وهو يمد يده لفتح باب غرفته، لم تكد أصابعه تلمس مقبض الباب حتى أحس به بارداً...سحب يده على نحو لا إرادي ووقف كتمثال لا حياة فيه أمام الباب...

هو نفس الباب ...هو نفس المكان...حتى نفس الرائحة هي هي

لكن ...

جمع ما تبقى لديه من قوى وأمسك مقبض الباب مرة أخرى وفتحه لتستقبله تلك الغرفة التي ليست غريبة عنه أبداً، كانت الغرفة غارقة في الظلمة والسكون...سرت قشعريرة غريبة في جميع أوصاله وامتدت سريعاً لقلبه الذي كانت دقاته بطيئة وكأن القلب رافض أن يؤدي دوره ومجبور على آداء تلك المهمة التي لا يريدها.

كان لازل يقف على باب غرفته...لم يكن قادر على أن يدخل وطاف سؤال حائر في سماء عقله يقول:

  • ما بك أليست هذه غرفتك؟
  • غرفتي!
  • نعم غرفتك...
  • لا...هي ليست غرفتي ولايجب أن تكون غرفتي! إنها غرفتنا ...أنا وهي ...هي...زوجتي وحبيبتي ورفيقة دربي وعمري
جاءه الصوت من عقله وكأنه يصدر من بئر عميق:

  • نعم هي كذلك...أو كانت كذلك! فلقد رحلت...اليوم رحلت...سكن الجسد والقلب الذي كان يسكنه...لم يعد ينبض...لم يعد يدق لتسمعه بقلبك وروحك.
  • لاااااااااااااااا هي هنا ......إنها هنا إنني اشم ريحها...أسمع أنفاسها...هي نائمة في مكانها بجواري حيث تحب دوماً على يميني...

وجد قدمه تدفعه دفعاً داخل الغرفة ناحية السرير ليضع يده مكان زوجته لتقابله برودة لم يعهدها...وهنا جلس...جلس مشدوهاً...وفرت تلك الدمعة التي حبسها طوال اليوم منذ أن أبلغوه بالخبر في المستشفى...كان كل شيء سريعاً ...تعبت بدون سابق إنذار ليخبره الأطباء أنه مرض نادر أصاب شريكة عمره لتنقل للعناية المركزة ثم...ثم رحلت ... هكذا بهدوء وفي أسبوعين لا أكثر...كان شريط الأحداث يعيد نفسه امام عينيه مرات ومرات وهو غير مصدق ولا واعِ لما يجري...وفرت الدمعة لتفجر معها فيضان من الدموع التي حاربها كثيراً...وجد نفسه يرتمي على وسادتها...يااااااااااااااااااااااااا الله

هذه ريحها...بل هناك شعرة من شعرها ترقد مكانها على الوسادة...مسك الشعرة بأصابعه وأخذ ينتحب كطفل...كانت عيناه تجري في أرجاء الغرفة وكأنها تبحث عنها ولكن هيهات هيهات فلقد ذهبت وهو كان معهم حيث ودعها هناك...

بعض ملابسها لازالت معلقة هناك...هب من مكانه مهرولاً للملابس ليقبض عليها ويشمها بقوة وكأنه يبحث هناك عن بعض بقاياها وما زاده ذلك إلا حرقة وألما...

وجد نفس يقع على الأرض وهو ممسكاً بالملابس ودموعه تنهمر بلا توقف وكلمة واحدة على لسانه...

"إنا لله وإنا إليه راجعون... إنا لله وإنا إليه راجعون... إنا لله وإنا إليه راجعون"

لم يدري كم من المرات رددها إلا أنه لم يشعر بنفسه إلا على صوت آذان الفجر "الله أكبر ...الله أكبر"

بالكاد فتح عينيه وجمع ما بقى من بقاياه وأرقد ما في يده من ملابس على السرير ونظر لأعلى ثم قال...

يااااااااااااااا رب

"صورة من وحي خيالي تعايشاً مع صديقي الذي فقد زوجته اليوم بعد فترة مرض قصيرة لم تتعدى الأسبوعين..نسأل الله له الصبر والسلوان وللفقيدة الرحمة والمغفرة"

كلمة أخيرة لكل زوجين محبين... الحياة قصيرة ولا تستحق منا أن نغضب من بعضنا البعض أو أن نضيعها في خصام وفراق فقد يأتي الفراق الأخير بدون سابق إنذار ونجد أنفسنا نندم حيث لا يوجد مكان لندم...

نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة...آمين

تعليقات

‏قال غير معرف…
نحن لانحس بقيمة من معنا الا بعد فقدانه ،يارب جمعنا واحبتنا فى طاعتك وهون علينا مصائب الدنيا وارزقنا حبك وحب من احبك ..
‏قال شوارعي
نعم ...نسأل الله الصبر عند الشدائد
‏قال B L A C K A N G E L…
نعم بالأمس كانت هنا

يا الله حسن الخاتمه

ويرحم موتانا جميع
‏قال غير معرف…
الفكرة التى تسيطر علي لدرجة الهلع
ان افقد عزيزا بغمضة عين
افقده بينما كنت اهمل نعمة تواجده بالدنيا قربى

برغم الهلع الذى تضفيه على يومى
الا انها تجعلنى أرق مع العزيزين على قلبى


لمياء محمد عبد الحميد
‏قال شوارعي
كلُ منا مفارق أو مفارقوه محبوه يوماً ما لا محالة وندعو الله أن يمن علينا بالصبر وقبول قضائه في كل وقت وأن يختم لنا جميعاً على طاعة وعمل صالح.
‏قال غير معرف…
الم الاشتياق صعب