سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

المرايا المكسورة...


هل هذا أنا؟!
أهذا حقاً وجهي؟!
أهذه هي قسماتي التي أحفظها عن ظهر قلب؟!

جاءه الجواب من داخله...من ذلك الركن البعيد المظلم في عقله...فكان الصوت غريباً وكأنه يخرج من عمق بئر سحيق...
"نعم هذا أنت"
ولكن ماذا حل بوجهي؟!
ما الذي جعلني لا أعرفني وأنظر إلي وكانني شخص آخر؟
هل من المعقول ما يحدث؟!
العين ليست في مكانها الصحيح وأصبح بها خطوط كثيرة!
وأين عيني الآخرى؟! أين ذهبت؟! لماذا ليست في مكانها؟!
إزداد هلعاً وتعالت حيرته وهو يتابع النظر مندهشاً...

يا الله حتى الأنف صار به قطع طولي وكأنه انقسم اثنين!
والفم أصبحت الشفتان مشققتان على نحو عجيب!

و...
ولكن مهلاً...
هذا قطعاً ليس أنا...
تحسس وجهه بحركة لاإرادية ليجد عينيه في مكانهما...
والأنف سليم والفم على حاله...

إنها المرآة...
المرآة مكسورة وتناثرت أجزائها في أرجاء الغرفة بعد أن سقطت من يده...
ولكن...
لماذا حدث هذا؟
لماذا صدقت المرآة؟
لماذا خدعتني وجعلتني أصدق أني كذلك؟!

ليست المرآة هي السبب...
إنه أنا!
إنه أنا من أراني هكذا!
أنا من أراني مشوه...
أنا من أراني قبيح...
أنا من أراني عاجز ...بائس لا أقدر على شيء أو إحداث تغيير فيما حولي!
أنا من رسم لي الخط والبرواز وربطني بالسلاسل واستسلمت لقيودي...
أنا لن ألوم إلا ...أنا
من حولي ليس هم السبب
إنما أنا السبب
أنا من ساعدتهم
وأنا من صدق مرآتي المكسورة

"إشتري مرآة جديدة...!"
الصوت هذه المرة كان أكثر وضوحاً وأشدة قوة
نعم سمع هذه الصرخة الآمرة مراراً وتكراراً سابقاً إلا أنه كان يتجاهلها يمضي إلى حال سبيله خانعاً مستسلماً...
لكن اليوم حدث تغيير ما داخله
بل إنه عزم أن يشتري مرآة جديدة
مرآة حقيقية لا تكذب عليه فيصدقها
مرآة تعيد له قسماته الأصيلة وملامحه الآبية
مرآة يرى بها نور الشمس من حوله وتضيء معها جنبات حياته
مرآة تذكره ما قد نسيه يوماً
أو ما جعله البعض ينساه
مرآة تذكره أنه...
مصري

تعليقات

‏قال غير معرف…
اعتقد اننا جميعا فى حاجة لشراء مرآة جديدة نرى فيها صورتنا الحقيقية لكن المشكلة ان البعض لا يملك جرأة النظر عبر مرآة حقيقية ... تدوينة رائعة اهنئك عليها

خالص تحياتى
‏قال شوارعي
أشكر لك مرورك الكريم وكلمات المجاملة
هذا لا شك فيه وبالفعل يوم نشتري المآة الجديدة ونرى الواقع الحقيقي من حولنا ستختلف الكثير من الأوضاع