سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

شمسٌ لا تغيب...


"أنا بعشق حاجة إسمها مصر"...
قال هذه الجملة بمجرد أن علم أن مصري! القائل هو أحد الأشقاء العرب الذين التقيتهم في أحد المعارض المتخصصة في السعودية، ولم يكن هو الوحيد الذي تغنى بحبه لمصر بل أن أحدهم قال أنه يتمنى لو عاش طوال عمره في مصر، ولكم أسعدتني هذه الكلمات الجميلة الصادقة والتي تعبر عن مكانة حقيقة لمصر في قلوب الأشقاء العرب مهما حاول المغرضون أن يقولوا عكس ذلك...ولكن!
وآه من هذه "اللكن" فبنفس مقدار سعادتي بل وفخري وأن أسمع هذه الكلمات، بمقدار ما كنت أشعر بأسى وحزن داخلي وخاصة عندما قال لي آخر "مصر بيدها أن تجعل كل العرب أن يقومون من جديد، مصر هي دوماً من معها زمام المبادرة"، وحتى لا يسيء البعض فهم مقولة الرجل بأنها دعوة لمصر بشن حروب هنا أو هناك، بل المقصود المبادرة في اللحاق بركب التقدم، المقصود هو أن تُعاد للعرب هيبتهم المفقودة والضائعة وأن يصبح له صوت مسموع وألا يكونون خارج الحسابات الدولية عندما يتم ترتيب أوراق اللعبة في كل مرة.
نعم شعرت بالحزن وخيبة الأمل كون مصر فعلاً أكبر وأقدر أن تلعب دوراً أكثر تأثيراً وفاعلية على الساحة العربية والدولية، ولكن أين هذا الدور من كل ما يحدث حولنا وآخرها أزمة توزيع مياه النيل والتي نتجت من غياب الدور المصري الفاعل في منطقة دول المنبع فكان ما كان من دخول آخرين بنوايا خبيثة لملأ هذا الفراغ!
مصر بثقلها ومكانتها التاريخية تقدر أن تفعل الكثير والكثير، مصر كما يقولون في المثل الشعبي هي "الضهر" الذي يحمي ويدعم ويساند، ولكن إذا غاب هذا "الضهر" أو تناسى دوره ترى الجميع كامن وخائف كأنه ضاع منه الحصن والملجأ.

ودليل هذه المكانة نراه على سبيل المثال عندما نسمع تصريح لوزير خارجية مصر وهو يعلن عن دعم مصر لسوريا ولبنان في كل المواقف ورفض مصر لأكذوبة تهريب صواريخ سكود لحزب الله، رأينا كيف هذا التصريح أرسل برسالة قوية وواضحة لإسرائيل وغيرها كي يعيدوا حساباتهم فيما يخططون لفعله...

رأيناه أيضاً في طلب إسرائيل من مصر أن تكف عن الحديث عن ترسانتها النووية وألا تثير عليها الزوابع، الأمر الذي تجاهلته مصر واستمرت في مطالبها حتى أعلنت الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن تأييدها لخطة لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، الأمر الذي يعني إلزام إسرائيل بالتخلي عن أسلحته النووية، وبعيداً عن مدى مصداقية نوايا هذه الدول أو إلى أي مدى يمكن تحقيق هذه الخطة على أرض الواقع إلا أن هذا التأييد يعكس دور مصر المؤثر وأنه عندما تتحرك مصر وتتفاعل يمكنها أن تحدث الكثير وأن تحرك المياه الراكدة...

الشعوب العربية لديها الكثير من الأحلام والطموحات الكبيرة ليس أدناها الوحدة العربية والعملة العربية الموحدة، بل والعودة إلى ريادة الأمم من جديد، فمن قبل فعلها الأجداد وحتماً نحن قادرون على فعلها ثانية فقط إن صدقت النوايا وصح الاعتماد والتوكل على الله. وأحلام الشعوب العربية هذه تبدأ من هنا، من أرض مصر، فالكل ينظر لمصر كونها القائد والزعيم، الذي حتى وإن مر به فترات وهن أو ضعف يعود لينفض عنه الغبار من جديد ليعلن أنه لازال موجود قوي وصلب. فمنذ أن غربت شمس هذه الأمة منذ عهد بعيد والكل ينتظر بزوغ فجرها من جديد، فجر تولد معه شمس لا تغيب لتبقى مشرقة تضيء بنورها جنبات حياتنا.

فهل حقاً ينتفض الزعيم ويفيق من ثباته ويحقق أحلام شعبه؟
ندعو الله أن يمد في آجالنا حتى نرى هذا اليوم...

تعليقات