سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

ساحات أخرى للمعارك...


لم تكن هذه الأولى، بل ربما الثالثة أو الرابعة، فكلما كتبت بعض السطور ثم أعيد قراءتها أجدني لست راضاً عنها فتذهب يدي سريعاً لتحرك ذلك الشيء المسمى "فارة" أو بالانجليزية "ماوس" لتظلل ما كتبت ثم تختفي كل السطور بمجرد ضغطة زر!
ولكن لماذا؟ لماذا لست براضٍ عما كتبت؟ لماذا شعرت بأن الكلمات تخرج مني مثقلة تأبى أن تثبت مكانها بين السطور، وبعد تساؤلات كثيرة بيني وبين نفسي وجدتني عرفت الجواب، أو ربما بعضٌ منه...إنها المسؤولية، إنها إحساسي بأن ما أكتب هنا لن يكون مجرد خواطر أو كلمات أسطرها على ورقة أمامي ربما أمزقها بعدها، لكنها كلمات سيقرأها الكثيرون...كلمات سيتردد صداها في قلوب فيُسمع دويها في العقول، نعم إخواني فنحن بكلماتنا نصنع الكثير والكثير، بكلماتنا نقدر أن نحرك الصخور ونفتتها، بكلماتنا نقدر أن نحيل الظلمة نورا، بكلماتنا نعيد إلى صورة الأبيض والأسود بهجة ألوان الحياة، بكلماتنا نغزل نسيج من الأحلام فتحولها العزيمة إلى حقيقة وواقع.

نعم إنها ليست مجرد تفكير بصوت مسموع إنها هي أكثر بكثير من ذلك، فقط إن عرفنا كيف نوظف طاقتنا وإمكاناتنا وأقلامنا بالشكل الصحيح لخدمة قضايا أمتنا. لا تفكروا أبداً أننا ضعاف بل نحن معاً أقوياء ونحن معاً صنعنا وسنصنع مواقف وتوجهات ونرسم مستقبل أفضل لأبناءنا. وهذا الأمر لابد أن نستحضره في كل مرة نكتب فيها تدوينة أو مقالة، لابد أن نعرف لمن نكتبها ولماذا؟ وما هو التأثير المراد منها؟ بمعنى أن تكون خطوات مدروسة وواعية لا مجرد ملأ فراغ في المدونة لمجرد إثبات شيء لا معنى له.

لم تعد ساحات الحروب اليوم قاصرة على تلك التي تتطاير فيها الرؤوس والأشلاء، بل امتدت ساحات المعارك لتشمل ساحات الثقافة والمعرفة فصرنا نُهاجم من كل صدب وحدب بأفكار هدامة وغزت مجتمعاتنا العربية عادات وتقاليع دخيلة الهدف منها طمس الهوية العربية وترسيخ مفاهيم يتربى عليها جيلٌ جديد لا يعرف شيء عن قضايا أمته أو يعيرها بالاً، وهنا تكمن الخطورة عندما يتم ضرب أساس هذه الأمة في شبابها ورجال المستقبل الذين يُفترض بهم أن يكونون هم من يعول عليهم لإعادة المجد المفقود. وفي هذه الساحات الجديدة يبرز دورنا نحن في الوقوف بأسنة أقلامنا في وجه تلك الهجمات الشرسة فنرد ونصحح ونعلم.

أعلم جيداً أن ما أقوله معلوم لدى الجميع وأنه ليس بالجديد ولكنني أردت أن أذكر نفسي قبل أن أذركركم به كي نعيد شحن بطاريات أذهاننا فنمسك أقلامنا ونكتب على الورق ما فيه النفع والفائدة لنا في دنيانا وأخرانا. ونحمد الله على هذا الكيان المسمى "إنترنت" الذي وإن كان به ما به من الأروقة والدهاليز الحالكة الظلمة إلا أنه به أيضاً فائدة لا تخفى علينا جميعاً.

وعلى اختلاف توجهاتنا وكتاباتنا يجب أن نكون في النهاية لدينا نفس الهدف...غدٌ أفضل

إقرأ المقال على موقع التدوينة السوداء للعرب
http://blackblogarab.blogspot.com/2010/05/blog-post_29.html

تعليقات

‏قال أم الخـلـود
أحيانا نجد أنفسنا محاصرين بحروف مشعترة في فكرنا ولا نستطيع أن نرصها في جمل مفيدة فكلل الحروف تتشابه والنقاط تقع ..

لكن في نهاية المطاف يرتاح الفكر ويهدأ ثم يبدأ الضمير يوخز الفكر الهادئ فينتج إبداعا.