سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

نقطة ومن أول السطر.


كان يقولها لنا معلمنا في المرحلة الابتدائية في حصة الإملاء، والمعنى منها واضح، أي أن نضع نقطة في نهاية الجملة لنبدأ جملة جديدة في السطر التالي، ولكم كنت أحب هذه الجملة مثلما أحببت أن أبدأ سطراً جديداً ومن أول السطر. ولا أعرف لهذا الحب والفرحة بالسطر الجديد سبباً محدداً إلا أنني عندما كبرت صرت اعرف سر هذا الإحساس والشغف. إنها البداية الجديدة، إنها وضع حد ونهاية لمرحلة مضت ثم الشروع في مرحلة جديدة وخطوات جديدة أساسها فهم أخطاء ما مضى ومحاولة تفاديه في المستقبل، فمن زلة قلم هنا لسوء خط هناك وهكذا كانت النقطة والسطر الجديد بالنسبة لي محفزان كي أعيد ترتيب أوراقي وألملم أشياءي القديمة المبعثرة لعل الفاتحة الجديدة تكون فاتحة خير وسعادة.

وما أحوج كل واحد منا اليوم أن يقول لنفسه "نقطة ومن أول السطر" نعم نحن أو أغلبنا يحتاج مثل هذه العبارة أو مثل هذه الرسالة، نحتاجها لنقف مع أنفسنا وقفة مصارحة تسقط فيها كل الأقنعة البراقة والحقائق الزائفة أمام أعيينا لتتكشف لنا أخطاء ما مضى من عمرنا ونستخلص منها العبرة والدرس. فليس العيب أن نخطأ إنما العيب كل العيب أن نستمر ونكابر في هذا الخطأ من أجل أسباب أو مكاسب شخصية.

"نقطة ومن أول السطر" يحتاجها الناس على اختلاف فئاتهم من حكام ومسئولين وأصحاب قرار في كل مكان لمحكومين أفراداً وجماعات، فما يحدث حولنا من تغيرات سياسية واجتماعية وأخلاقية يستدعي بالضرورة حدوث مثل هذه الوقفة لالتقاط الأنفاس والنظر فيما مشينا من خطوات والترتيب لما هو آت. ومثل هذه الوقفة يجب أن يكون متواتر ومتكرر من وقت لآخر للتأكد أننا على الدرب السليم ولم نشت بعيداً.

السطور أعلاه ما هي إلا تفكير بصوت عالي أقوله لنفسي قبل غيري ولعل هذه الكلمات تمس قلوب وضمائر تاهت وضلت فتفيق وتنفض من عليها الغبار وتساهم في إحداث تغيير للأفضل بإذن الله...



تعليقات

‏قال غير معرف…
الله ينور بصراحة عجبني المقال جدا جدا وفكرته حلوة قوي "نقطة ومن أول السطر " حقيقي حلوة وميزة مقالك ده إن كلماته ليست مفلسفة ولكن هي السهل الممتنع فهي سهلة ومباشرة ولكن تحمل بين طياتها من المعاني ما هو ليس بالقليل . مرة ثانية الله ينور ...
أخوك.. خالد
‏قال شوارعي
أشكر لك أخي العزيز كلماتك الجميلة وتشجعيك الدائم وأعاننا الله جميعاً أن تكون لنا "نقطة ومن أول السطر"