سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

مهنة الطب إلى أين؟!


أن تأتي الشهادة من اثنين من كبار الأطباء المشهود لهم بالكفاءة وفي موقفين مختلفين متباعدين، قطعاً يعني أن بالفعل هناك شيء ما يحتاج لوقفة حاسمة وضرورية...

فالأول كان جاري في مقعد الطائرة التي عادت بي من مصر بعد ،وفاة أختي رحمة الله عليها إصر إصابتها بمرض الالتهاب السحائي والذي شُخِص في البداية أنه نزلة برد بسيطة ثم تدهور الأمر بسرعة غير طبيعية لترحل عن عمر 34 عاماً تاركة ابن وبنتين ووالدين مكلومين! وبعد تعارف سريع مع جاري الذي اتضح أنه أحد الأطباء العاملين في السعودية وهو استشاري أشعة، ودار الحوار عن مصر ثم انعطف لسبب نزول كل منا الذي تصادف أن يكون متشابه وهو وفاة أحد الأقرباء، أباه وأختي!

جاري، استشاري الأشعة أدلى لي بمعلومات خطيرة عن حالة مهنة الطب والخريجين الجدد في هذه المهنة الجليلة والخطيرة في نفس الوقت، وكيف أن الأمر صار شبيه بحال كثير من الكليات النظرية وما فيها من تراخي وتفشي ظاهرة الدروس الخصوصية حتى في كليات الطب، الأمر الذي يؤدي في النهاية لخروج شباب من الأطباء الذين ،حسب وصف، لا يفقهون شيئاً بل وزاد في وصفه وصفاً لن أذكره هنا!

ثم الثاني استشاري كبير في أمراض النساء والتوليد وأستاذ في أحد الجامعات المصرية، قابلته بالصدفة في أحد المناسبات وسألته عن رأيه في أخطاء الأطباء وجيل شباب الأطباء وكانت شهادته مطابقة لشهادة زميله الذي أدلى بها قبل شهور دون سابق معرفة، وزادني أن الأمر في سوء مستمر وحكى لي عن حالة طفلة مصرية تأخر الطبيب في وصف العلاج المطلوب لها فانتهى بها الأمر إلى التهاب سحائي كذلك وأهلها الآن وقت كتابة هذه السطور في انتظار رحيلها إلى بارءها!
قلت له "كيف إذن ونحن نثق في الطبيب المعالج لنا ونفترض أنه أكثر علماً بأجسامنا منا ونمشي وراء كلامه وأوامره مغمضي الأعين؟...هز رأسه في تعبير يوحي بالحزن وقال لي للأسف المهنة صارت شبيه بالتجارة والرغبة في الربح وطالما دخلت نية الربح في عمل الطبيب فلا أمل!

ما الحل إذن؟ حقيقة لا أدري لكن يبدو أن أفضل شيء هو أن نحافظ على صحتنا قدر الإمكان كي لا نضطر للذهاب لطبيب يتدرب علينا ونكون فئران تجارب عنده. أعلم أن هناك الكثير من الأطباء الشرفاء ذوي الخبرة والمهارة ولكن كيف لي أنا وأنت أن نعلم حقيقة من نجلس أمامه؟!

قد يكون هناك تقصير ومشاكل في كثير من الأمور حولنا نعيشها أو نتعايش معها لكن عندمل يصل الأمر لمهنة الطب، مهنة من يتعاملون مع أرواح البشر هنا يزعق ناقوس الخطر الذي بُح صوته سابقاً مرات ومرات ولكن يبدو أنه صوته غير مسموع أو أن الصمم أصاب من بيده فعل شيء!


تعليقات

‏قال غير معرف…
عندما قرأت مقالك هذاوأنا أعلم جيدا أن مداد قلمك هو الأسي والحزن علي حالنا وطننا الغالي قفز إلي عقلي مثل عربي أري أنه ينطبق علي حالنا هذه وهو أننا أصبحنا (كمن يستجير من الرمضاء بالنار ) أو المثال الشعبي الأصيل
( إيه اللي رماك ع المر قال اللي أمر منه ) فماذا يفعل الناس يا أخي العزيز فهم بين شقي رحي والحل الوحيدلابد أن يأتي من داخلنا فقد قال المولي عز وجل ( لا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم )فاذا من الله علينا وحدث هذا ستنصلح كل أحوالنا وليس حال الطب فقط . خالد
‏قال شوارعي
صدقت والله ولن يأتي الحل إلا من عند أنفسنا وبإرادتنا
نسأل الله العفو والعافية
‏قال Unknown
للاسف احب اقول لحضرتك بحكم دراستي للطب , ان حال كليتنا زي كل الكليات التانية التدريس للاسف سئ والدعم المالي للمستشفى محدود ,, لان نظام التدريس والاسئلو بأى مين يخفظ مش مين فاهم ويعالج وطريقة التعليم الاكلينيكي حالتها سيئة جدا
غير التعقيد ,, والدرجات اللي بتحكم بيها على الطالب بقت تخليه يفكر في الدرجات وبس وبالتالي هما دول اللي بيدرسوا ده غير نظام الواسطة ,, فالطلبة بتتعي وتتعقد وتتحطم في نص الطريق وبتبقى عارفة مستقبلها المظلم مع وزارة الصحة وصعوبة التسجيل في الدراسات العليا وتكلفتها العالية مع قلة المرتبات , بجد اطباء مصر وطلبة الطب حالهم يصغب على الكافر ,, ياريت قبل ما نلومهم نحاول نساعدهم ونوفرلهم أقل متطلباتهم وما ينفعش يبقى مطحون واقوله خليك انسان وما تفكرش في الربح ,, للاسف حال الطب في مصر كحال كل المنظومات الاخرى التي تتبع سياسة التجهيل عشان يبقى الكل يبقى بيلف في ساقية وخلاص
‏قال شوارعي
أنا متفق مع كلامك وقلت إن حال الكليات متردي وفيها تراخي في كل شيء وأنتي زدتي الصورة وضوحاً وقتامة في نفس الوقت!
وليس بيدنا هنا إلا أن نلقي الضوء على هذه الأزمة الخطيرة واقتراح حلول أو أفكار في انتظار إنصلاح حال التعليم بشكل عام وكليات الطب بشكل خاص وأنا أتفهم نبرة الدفاع في كلامك كونك طبيية مستقبلاً أتمنى لها كل النجاح والتوفيق ولكن عسى أن نرى ما هو أفضل عما قريب
‏قال غير معرف…
الموضوع ببساطة ان الواسطة والرشوة بقوا الطريق السريع لأي حاجة الانسان عايز يعملها وبالتالي الفوضي والاهمال هما النتيجة
شكرا على الموضوع يا استاذ عمرو

bussycatto
‏قال شوارعي
حقيقي الأمور كل يوم من سيء لأسوأ ومش عارفين الطريق رايح بينا على فين...شكراً على مرورك وتعليقك