سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

فانوس رمضان... هويتنا الأصيلة

صغيراً كنت أنتظر رمضان بفارغ الصبر، وكنت أفرح كثيراً بقدومه وأنا في استقباله بفانوسي وشمعته المضيئة بداخله، وقد تزين شارعنا بالزينات التي صنعنها بأنفسنا من الورق والردة أو نخالة الدقيق، وليس أهل الصين كما هي زينات اليوم، وكلنا لديه مع رمضان الكثير والكثير من الذكريات الجميلة التي لا تنسى.

ويحتل الفانوس المكانة الأساسية في هذه الذكريات، مكانة ترسخت في عقول أجيال متعددة ممن لعبوا وفرحوا بالفونيس الصفيح ذات الزجاج الملون والذي لم يكن في حاجة أيضاً للبطاريات الصينية بل كان يشع بنور الشموع الصغيرة الجميلة. وحتى لا يفهمني أحد خطأ فأنا لست ضد الحداثة أو التجديد، لكني أستغرب من تلك الأشكال الكثيرة لفوانيس اليوم، عرائس ودمى وشخصيات منها المصري والعربي وحتى الأجنبي ناهيك عن التوك توك صارت تغزونا كل رمضان مدعية أو يدعي صانوعها أنها الجيل الجديد من فانوس رمضان الذي لا يزال بعضه يغني أغاني رمضان الشهيرة والبعض الآخر يتغني بأشياء أخرى، والحقيقة أنني لا أرى في هذا إلا طمس للهوية المصرية والعادة الأصيلة التي تربينا عليها، فأنا مشكلتي ليست مع فانوس كرومبو أو الكابتن حسن شحاته أو غيره، بل هي مع اتجاه موجه ومدروس لطمس هويتنا في أشكال ومناسبات مختلفة، والفانوس ليس إلا رمز لهذه الحالة التي نعيشها وننساق وراءها بدون وعي أو شعور.

انظروا مثلاً لدمى الأطفال والبنات بالتحديد، تجدون أنها تدعو للبس القصير والعاري بشكل ضمني من خلال عروسة تلعب بها البنت وتغير لها ملابسها التي كلها إما ضيقة أو مكشوفة وكذلك مستحضرات تجميل وماكياج خاصة بالعروسة، كل هذا لا يستهان به بل له وقع وأثر قوي في نفسية البنت الصغيرة التي بالتأكيد ستحلم باليوم الذي تكون فيه مثل عروستها وتلبس ما يحلو لها. ونفس الحال تجده على الشنط المدرسية التي يطبع عليها صور هذه الشخصيات بل وربما نجمات هوليود!

والأمر لا يختلف بالنسبة للعب الأولاد ولكن مع شخصيات ذكورية وكرتونية تشجع على العنف والعدوانية وكذلك تقاليع اللبس وقصات الشعر الغريبة!

ربما يقول البعض ما هذا الكلام والتعقيد كفانا من نظرية المؤامرة والكلام عن الغزو الثقافي ولكن هذا هو ما يحدث بالفعل وليس مجرد كلام، فكل ما حولنا تقريبا صار له طابع أجنبي من أسماء المحلات للملابس للمأكولات والمشروبات ولعب الأطفال وأدوات مدرسية والكثير والكثير. والحقيقة أننا الملامون في ذلك إذ أنه هناك الكثير من الفراغات في حياتنا ومستلزماتنا التي لم نستطع سدها فجاءنا الآخرون بالبدائل خاصتهم وبكل ما بها وما عليها. ونحن كأفراد بما أننا لا نملك العصا السحرية لإحداث التغيير السريع أو المنشود إلا أننا بأمكاننا وخاصة الأباء والأمهات أن نعي هذه الأمور جيداً ونربي أبناءنا وبناتنا ونحن على بصيرة مما يحدث حولنا، لا أن نستقبل ما يأتينا فقط بدون إعمال العقل فلا نشتري مثلاً كل ما يطلبه الطفل أياً كان تأثيره عليه وعلى تفكيره، بل نختار ونوجهه ونعلم بما يتماشي مع عقلية أبناءنا.

أنا لا أعقد الأمور ولكن فقط أسشتعر أن في هذه الأمور خطورة كامنة تظهر على المدى البعيد ويجب إدراكها مبكراً...
وكل عام وأنتم بخير...

تعليقات

‏قال غير معرف…
الغرو الثقافي هو الغزو الجديد او بمعني اصح هو احتلال تقافي لان للاسف اغلب الغرب بياخدو من الثقافات الغربية القشور بس وبيسيبو الاساس .... وبالتالي بيعملو محو بطئ للعادات وللاسف احنا بنساعد على ده وابسط حاجة اننا حتى مش بنفكر نودي الأولاد متاحف ترات شغبي للتعرف على العادات القديمة... بجد نفسي في فانوس قديم .. بس صراخة اقدم فانوس عندي الي كان فيه عصفورة .. وشكرا للفاطمين الي دخلو لنا الغادة دي
موضوع جميل
‏قال شوارعي
غير معرف

صدقت في كل كلمة... الغزو الثقافي قد يكون أخطر من الغزو والاحتلال على الأرض، لأن الأول يغزو العقول ويدمرها ووقتها لا أمل، لكن الثاني يشد العزيمة على المقاومة ومقاومة الغازي...

ثقافتنا وتراثنا أصيل ورائع ليتنا نتمسك به...

على فكرة أنا كمان كان عندي فانوس في عصفورة... لكن كمان كنت حبيت يكون عندي الفانوس أبو شمعة :)