سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

يا رجال أعمال مصر...,والله لن تخسروا!

في عام 1980 تبنى بنك أمريكان أكسبريس قضية ترميم تمثال الحرية الشهير بعد أن قام مهندسون أمريكان وفرنسيون بعمل دراسات هندسية أثبت الحاجة الماسة لهذه العملية وإلا فإن التمثال في خطر، وكانت عملية الترميم بالتأكيد تحتاج ميزانية كبيرة، وهنا أخذ أمريكان أكسبريس زمام المبادرة وقام بعمل حملة قومية للتبرع من أجل عملية الترميم، وكانت الفكرة أن يتم خصم مبلغ إضافي عن كل عملية شراء تستخدم فيها بطاقات أمريكان أكسبريس الإئتمانية. وبعد حملة اعلانية استمرت لمدة ثلاثة أشهر استطاع البنك تجميع أكثر من 1,7 مليون دولار أمريكي، كما ارتفع معدل استخدام بطاقات أمريكان أكسبريس بنسبة 27% عنها قبل هذه الحملة، وأيضاً زاد الطلب على البطاقات الجديدة بنسبة بلغت 45%!!!
وبالطبع عاد هذا الأمر بالنفع على جميع من شارك فيه وتم إعادة ترميم التمثال وعلت أسهم بنك أمريكان إكسبريس عند الشعب الأمريكي كونه تحمل مسئوليته الاجتماعية وبادر للمشاركة في هذه القضية التي كانت تهم الرأي العام الأمريكي...

من وقتها برز مصطلح Cause Related Marketing أو إن صح التعبير بالعربية "التسويق المرتبط بقضية أو مصلحة عامة"، وبدأت الشركات تدرك أهمية المساهمة في إيجاد حلول وتوفير دعم للقضايا العامة على مختلف القطاعات، التعليمية والصحية والاجتماعية وخلافه. وأثبتت الدراسات الحديثة أن عملية تقييم المنتجات والخدمات التي تقدمها الشركات المختلفة، لم تعد مرتبطة فقط بأسعار أو جودة هذه المنتجات، بل أصبح لدور الشركة الاجتماعي ومشاركتها في حل قضايا المجتمع التي تتواجد فيه، له دور كبير في عملبة التقييم هذه، وأصبح المستهلكون يفضلون منتج عن آخر بفضل هذا الاتجاه الجديد في علم التسويق الحديث. ولا عجب في ذلك خاصة بعد أن لمس المستهلكون بأنفسهم عجز الحكومات المختلفة عن حل كل المشاكل أو القضايا التي تواجه المجتمع. من هنا أدركت الشركات أهمية الدور الاجتماعي الذي يجب أن تلعبه وما يعود عليها بالنفع والفائدة منه.

وسبب سرد هذه الحقائق هو شعوري بكونها غائبة أو ربما منسية عند الكثير من رجال الأعمال في مصر، وقد يكون هناك بعض الفعاليات هنا أو هناك لكنها لازالت لا تعدو اتجاهات أو مبادرات فردية، وليست مفهوم عام وسائد معمول به لدى الشركات المصرية، على الرغم من توفر التربة الخصبة لهذا النوع من الدور الاجتماعي، في ظل تفاقم وتنوع الأزمات والمشاكل التي يعاني منها المصريون، بل لربما كان بعض هذه المشاكل وخاصة ما يتعلق منها بارتفاع أسعار كثير من المواد، سببه بعض هذه الشركات بما تمثله من ضغوط على كاهل المواطن المصري الذي أصبح فريسة أطماع التجار والشركات من ناحية، وكذلك الظروف الاقتصادية والحالة المتردية بشكل عام من ناحية أُخرى.

وكأن الشغل الشاغل لدي الكثير من رجال الأعمال هو فقط جمع الأموال ولا يهم بأي طريقة، والسعي والتفنن في تحقيق الأرباح على حساب الفئة المطحونة من الشعب، وفي النهاية نعود ونسمع عن قضايا فساد أخلاقي أو مالي لدى بعض رجال الأعمال وأصحاب النفوذ...

وأخيراً وحتى نكون منصفين فهناك كذلك رجال أعمال شرفاء كثيرون ولكنهم أيضاً ربما أغفلوا مثل هذا النوع من التسويق الذي سيعود عليهم بالكثير من المكاسب المادية والاجتماعية والأخلاقية...

وأقول يا رجال أعمال مصر ...حتى يبارك اللهم في أرباحكم وكذلك تحققون أرباح أكثر وأكثر...نظرة بعين الاعتبار لمن حولكم وقدموا يد العون والمساعدة لهم...وصدقوني لن تخسروا!

تعليقات