سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

اسمعوهم قبل أن يحترقوا و...يحرقوكم!

نعم كانت ثورة الياسمين بدايتها من النار التي أشعلها البوعزيزي في نفسه، ليشتعل الغضب مع تلك النار في جموع الشعب التونسي الذي خرج كالأمواج الثائرة آخذة في طريقها قذارات رمال الشاطئ.
ونعم لازال هذا الشعب الشجاع يقف بالمرصاد لكل محاولات سرقة هذه الثورة أو تسلل بعض أزلام النظام القديم إليها تماماً مثل من يهلل ويطبل ويزمر وسط أهل الفرح ليدعي أنه منهم.
لكن...
هل لم يتبقى للشعوب العربية الآن من سبيل لإعلان الرفض والاحتجاج إلا الموت والانتحار حرقاً؟!
هل صار من الضروري الموت كفراً حتى تشعر الحكومات بمقدار ما تمارسه من قهر وذل على شعوبها؟!

قد تكون هذه الطريقة المؤلمة اليائسة نجحت في حال الشعب التونسي، نجحت في تحريك الفئة الساكنة الخانعة من هذا الشعب للمشاركة وإعلان رفضهم للظلم والقهر والتجبر، لكن هذا لا يعني تبنيها- الطريقة-  واتخاذها منهجاً ومثالاً يُحتذى به، من حق كل الشعوب العربية أن تعلن رفضها واحتجاجها على الأوضاع التي لا خلاف أنها مزرية لدى الكثير من البلدان، ولكن هل لنا من  أسلوب آخر لفعل هذا؟!

وما كشفته ثورة الياسمين وسجله الكاتب إفيجينى مورزوف فى مقال بمجلة «فورين بوليسى» الأمريكية،حسب تقرير جريدة الشروق المصرية، من أن الثورة الحقيقية لم تأتي من الميديا الاجتماعية ومواقع التواصل التي تذخر بمجموعات معارضة وحركات ومدونات كلها تعلن رفضها للأنظمة الحاكمة في بلادها، الثورة لم تأتي من هؤلاء، بل أتت من الطبقة الغير مثقفة، الناس العاديين الذين ليس لهم صلة من قريب أو من بعيد بهذه القنوات الجديدة.
وأنا هنا أنقل هذا الرأي لأني بالفعل وجدتني أتفق معه بشكل كبير، وربما قلته بشكل غير مباشر من قبل في أن الحل يكمن في أن نتغير نحن من الداخل كي نستطيع تغيير ما حولنا، هناك لا شك خلل وهوة كبيرة بين أهل الثقافة والرأي والمعارضة الألكترونية وبين رجل الشارع، فهو لا يتصفح الانترنت ولا يقرأ ما تكتبه هذه الفئة، هو يحمل همومه وحده كل يوم على كتفيه بينما يبحث عن لقمة العيش له ولعيال يائساً من إحساسه بالعزلة وأنه لا أحد يشعر به. من هنا انتقلت عدوى الحريق من تونس إلى الجزائر إلى مصر وموريتانيا!

أقول أن لابد من إيجاد طرق يصل بها الفريقان لبعضهما البعض، أهل الثقافة والمعارضة الحقيقية والناس في الشوارع والحارات وعلى القهاوي، يجب الوصول إليهم بشكل حقيقي وليس من خلال الشعارات الرنانة الجوفاء، يجب أن يشعروا أن هناك حقاً من يسمعهم ويشاركهم الهم ويسعى لإسماع أصواتهم لمن هم فوق وللعالم أجمع. والسؤال هو كيف؟ وهذه "الكيف" ليس محل كلامي الآن، بل هي مطلوبة من أحزاب المعارضة الكرتونية وحركات المعارضة السلمية المختلفة.
وقتها سيلتف الناس حول من يرونه حقاً يمثل أحلامهم ويسعى لتحيقيها بعد أن يستمع إليها منهم، بعد أن يُظهر لهم كيف يهتم أن يسمعهم بشكل حقيقي، يستمع إليهم كإنسان قبل أن يكون رمز أو معارض.

الحل أيضأ قاله المحامي محمد فاروق, ذلك المواطن المصري الذي حاول الانتحار مؤخراً أمام مجلس الشعب، أمام المكان الذي يُفترض أن يكون قاطنوه يمثلونه ويعملون لحل مشاكله، ماذا كان يقول محمد قبل أن يشعل النار في نفسه؟!
"اسمعوني...اسمعوني"
هكذا بكل بساطة، الرجل كان يريد من يسمعه، فهلا فهم الجميع الدرس؟

تعليقات

‏قال سحابهـ
يبدو الأمر مؤلماً حقاً ، ما حدث للرجل التونسي أمرٌ تتقطع له القلوب و السعادة ..
هو شرارة لليقظة ...
أتمنى أن تكون يقظة الأمة العربية بأكملها ..

جميل ..أن تشارك المجتمع همومه .
‏قال شوارعي
وأنا كذلك اتمنى أن تكون هذه هي البداية ولكن أضيف لها أمنية أخرى أن تكون بداية ليس فيها حرق للأنفس من أجل الحريات

أشكرك على إطلالاتك الدائمة
‏قال تركي بن دويس
كلام جميل ...واصل
‏قال شوارعي
أشكرك على مرورك الكريم ويسعدني دوماً تواصلك وتشريف مدونتي المتواضعة...

وللأسف الكلام ليس جميل بل مؤلم ومحزن ونتطلع لأيام أكثر إشراقاً وأمل
‏قال ツSmiLeY AnGeLツ
ليس كل مايتمناه المرء يدركة
احرق النفس ليس بحل
يعني يحرقوا انفسهم عشان يعيشوا بسلام في الدنيا
طيب ماعملوا حساب للاخرة لربنا
انهم بيرحوا النار
ربنا كريم
(ولاتقنطوا من رحمة الله)
تقبل مروري
سلاي ليك اخي.
‏قال شوارعي
نعم "ولا تقنطوا من رحمة الله"
لكن يبدو أن اليأس بلغ مبلغه بالكثيرين بينما الحكومات غافلة أو مطنشة على أمل التخلص من أكبر نسبة ممكنة من الشعوب!

مرورك دوماً محل ترحاب وإسعاد
إذا الشعب يوما أراد الحياه
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر

الشاعر التونسي
أبو القاسم الشابي
قالها قبل عشرات السنين .. وبقيت في وجدان كل تونسي

تحيا تونس .. وعاش شعبها الأبي .. عقبالنا
‏قال شوارعي
نعم...لابد للقيد أن ينكسر
ولكن هذه "اللابد" تتوقف على ما جاء في الشطر الأول من البيت وهي "الإرداة"...

شكراً لمرورك الكريم