سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

أمي وأبي و...الاستفتاء

على الرغم من سنوات عمرها التي تخطت الستين وآلام خشونة العظام التي لا تكاد تبارحها، إلا أن أمي حرصت هي وأبي ألا يغيبا عن هذا الحدث الفريد والأول من نوعه الذي شهدته مصر...
خرجت أمي ومعها كرسي صغير تستخدمه للجلوس والراحة كلما مشيت بعض الخطوات القلائل حتى وصلت إلى لجنة الاستفتاء في المدرسة التي تقع على أول شارعنا، ثم انتظرت جالسة على كرسيها في الطابور حتى تدلي بصوتها!


وكم كانت سعيدة فخورة عندما تلون إصبعها بالحبر الفسفوري المميز علامة آدائها ذلك الواجب المشرف...
نفس الحال بالنسبة لأبي الذي يكبر أمي في العمر ببضع سنوات ويمشي رويداً رويداً مستخدماً عصا يتأكأ عليها ...

زميل لي في العمل أخبرني أن أبيه الذي يعاني من مشاكل في ساقيه تمنعه من السير بدون استخدام عكازين حرص هو الآخر أن يشارك وعندما وصل إلى لجنة الاستفتاء حمله خيرة من شباب مصر إلى داخل اللجنة ليدلي بصوته ثم عادوا به مرة أخرى ليركبوه السيارة...

الله عليكي يا مصر...
الله على جمالك وعظمتك وكبريائك
الله على شعبك اللي ضرب مثل للعالم كله إزاي تكون ممارسة الحقوق بشكل حضاري وسلمي...

وأنا على يقين أن هناك الكثير من الصور الرائعة التي عاشها المصريون يوم 19 مارس الذي سيظل علامة فارقة في تاريخ مصر.
وبغض النظر عما آلت إليه النتيجة أو ما قد يكون شوائب قليلة صاحبت ذلك اليوم إلا أن المصريون نجحوا بامتياز ومع مرتبة الشرف في الخروج بذلك اليوم بالشكل الذي يكمل ملحمة هذه الثورة العظيمة...

ولازلنا ننتظر الكثير من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومعه الحكومة الجديدة ورئيسها عصام شرف، ننتظر منهما أن يكملا حملة التطهير لكل بؤر ورؤوس الفساد من ذيول النظام السابق. لازال كما قلت سابقاً هناك الكثير من العمل لم يتم، ولكننا لن نتعجل الأمور ونعلم أن لكل شيء وقته ولكن ما لا يمكن تأجيله هو محاسبة كل من ظلم وفسد وتجبر وسرق ونهب من أموال وقوت هذا الشعب بدون أي استثناءات.

ثم هناك نقطة هامة أريد أن أذكرها وهي متعلقة بالمادة الثانية من الدستور التي يحارب البعض من أجل إلغاءها ولا يعلمون أنهم بذلك يقتربون من خط أحمر غير مسموح بمساسه مطلقاً أو العبث به، نعم نريد ديموقراطية وممارسة الشعب لحقوقه بكل حرية لكن في نفس الإطار المعلن لهوية الدولة وأساس التشريع فيها...

وأخيراً طالما أننا احتكمنا لصناديق الاقتراع فلابد أن نلتزم بما تأتي به ولا أجد طعم لأن يخرج البعض ليعترض ويحتج على نتيجة الاستفتاء، وأنا كنت من قالوا لا وأعلنت مسبقاً تحفظي على التعديلات لكن بإعلان النتيجة لابد أن يعود النسيج والتلاحم وألا يكون خلافنا حول الـ "نعم" أو الـ "لا" هو نهاية المطاف، فمن قالوا نعم يعملون من أجل مصر، ومن قالوا لا ...يعملون كذلك من أجل مصر...
لابد أن لا ننسى أن الغاية وأحدة.

تعليقات

‏قال ansana wi bs
من قال نعم
نيته الصالح لمصر
ومن قال لأ كــذلك
كانت نيته مصلحة مصر
ولكن هل النيات الحسنة
كافية لتحقيق هذا الصالح!
‏قال ansana wi bs
من قال نعم
نيته الصالح لمصر
ومن قال لأ كــذلك
كانت نيته مصلحة مصر
ولكن هل النيات الحسنة
كافية لتحقيق هذا الصالح!
‏قال شوارعي
بداية أشكرك على مرورك الكريم
وأتفق معك أن النيات وحدها لا تكفي لتحقيق الصالح ولكن يجب علينا ضبط نياتنا بالتحقق من نتيجة هذه النية ومدى صوابها من خلال التدقيق ومحاولة التيقن من كل خيارتنا قدر الإمكان