سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

إن شانئك هو الأبتر

هذا هو وعد الله إذن... وهو واقع لا محالة
ومن أصدق من الله وعدا؟...
وربي لا أحد.

منذ كلفه الله- صلى الله عليه وسلم - بالرسالة وبدأ دعوته لكلمة لا إله إلا الله... بدأ مسلسل الأذى
أذى كل من يكره كلمة التوحيد ومن كل أعداء الله
أذى بالقول والفعل
أذى طاله بأبي هو وأمي وطال أصحابه الكرام والمسلمين الأوائل
فوصفوه بالشاعر والكاذب والمجنون والساحر وهجوه في خبيث شعرهم بل وحاولوا قتله لكن الله دوماً وأبداً يكون له مؤيداً ونصيرا...



يقول الحق تبارك وتعالى
(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ * إنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر:94، 95]، (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وإن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ) [المائدة:67]، (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ) [البقرة:137]، (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ويُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر:36]، (إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) [الكوثر:3]، (إنَّ الَذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ وأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) [الأحزاب:57]، (والَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة:61].

كل هذه الآيات بمثابة إعلان رباني عظيم أن الله هو جل جلاله بقدرته ناصراً عبده ورسوله المصطفى ومنتقم ممن يسيء إليه بالكلمة أو بالفعلة...

ذكر أهل التفسيرِ في سبب نزولِ هذه الآية، قوله تعالى: (إنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ)، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: المستهزئون هم: الوليد بن المغيرة والأسودُ بن عبد يغوث والأسود بن المطلب، والحارث بن غَيْطَل السّهميّ والعاص بن وائل، فأتاه جبريل عليه السلام فشكاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراه الوليد بن المغيرة، فأومأ جبريل إلى أكحلِهِ - وهو عرقٌ في اليدِ -، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما صنعتَ شيئًا»! فقال جبريلُ: كَفَيْتُكَهُ، ثم أراه الحارث بن غيطل السهميّ، فأومأ إلى بطنه، فقال: «ما صنعت شيئًا»! قال: كفيتُكه، ثم أراه العاص بن وائل السهمي، فأومأ إلى أخمَصِهِ - أي: باطن رجله -، فقال: «ما صنعت شيئًا»! فقال: كفيتُكه. فأما الوليد بن المغيرة فمرَّ برجلٍ من خزاعة وهو يريش نبلاً له فأصاب أكحله فقطعها. وأما الأسود بن المطلب فعمي، وذلك أنه نزل تحت شجرة فقال: يا بنيّ ألا تدفعون؟! إني قد قتلت، فجعلوا يقولون: ما نرى شيئًا، فجعل يقول: يا بنيّ ألا تدفعون عني؟! هلكت بالشوك في عيني، فجعلوا يقولون: ما نرى شيئًا، فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه. وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها. وأما الحارث بن غيطل فأخذه الماء الأصفر في بطنِه حتى خرج روثُهُ من فيه فمات منه. وأما العاص بن وائل فبينما هو يمشي إذ دخلت في رجله شِبْرِقة - نبتةٌ ذات شوك - حتى امتلأت منها فمات. أخرجه الأصفهاني في دلائل النبوة (1/63)

والقصص في كفاية الله لنبيه كثيرة كثيرة لا مجال لذكرها... ولكن هل هذا يعني أن لا يكون لنا أي دور ونكتفي بالمشاهدة؟ بالطبع لا.. بل لابد لنا أن نزود ونصد عن نبينا صلى الله عليه وسلم طالما في الصدر قلب يدق يسبح بحمد ربه.
ولكن كيف تكون النصرة؟
هل بالمظاهرات والعنف وإشعال الحرائق ومهاجمة السفارات ومن فيها اللذين أعطيناهم الأمن وضمنا لهم السلم...
وهنا دعوني أذكر بالحديث الصحيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يشهد بعظمة وإنسانية وعدل هذا الدين الذي يسيء له أتباعه اليوم... قال صلى الله عليه وسلم- :" من أمّن رجلاً على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل، وإن كان المقتول كافراً "[1]. وفي رواية:" مَن أمَّن رجلاً على دمه فقتله فإنه يحمل لواء غدرٍ يوم القيامة "[2].
فماذا سيقول من تسببون في مقتل السفير الأميركي في ليبا إن لقوا نبيهم؟ لا أدري...

إذن كيف تكون النصرة؟
إن أول النصرة الحقة هي بصدق تطبيق ما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم من قيم نبيلة وأخلاق إنسانية راقية في رسالة المحبة والسلام... رسالة الإسلام
إن النصرة بأن نتعلم من سنته وهديه الخلق الحسن وخيرية الاستخلاف في الأرض كما أرادها الله جين خلق الإنسان...

فأين نحن من ذلك؟
هل نحن مسلمون حقاً وفعلاُ؟
أم أن علاقتنا بالإسلام تنتهي عند خانة الديانة في بطاقة الرقم القومي؟
ما هو تقيمنا الحقيقي لهويتنا الإسلامية؟
ثم...
انظروا إلى ما وصلنا إليه في علاقتنا ببعضنا البعض
غيبة ونميمة وحقد وحسد وكارهية
ناهيك عن ما يرتكب من جرائم وسفك للدماء
وأضف إلى ذلك السلوكيات المجتمعية الدخيلة المستوردة على ثقافتنا من هيئة وتصرفات ولغة وغيره
والمظاهر التي تظهر تقصيرنا هنا تطول... وللأسف
ماذا إذن من وراء هذا كله؟

أقول أن نصرة النبي صلوات ربي وسلامه عليه ليست بالصوت العالي ومهاجمة السفارات أو حرق عربيات الأمن المركزي
ولا بالتشنج والعصبية التي تسيء لصورة الإسلام ونبيه أكثر مما تنفع...
النصرة يا أخواني مطلوبة طوال الوقت وليس الآن فقط
انصروا نبيكم بنبذ الخلافات والأخلاق الذميمة
انصروا نبيكم بالعودة للطريق والمنهج الحق
انصروا نبيكم باحترام الآخر وحقوقه
انصروا نبيكم الآن وفي كل وآوان
انصروا نبيكم في قلوبكم أولاً

وتذكروا قول الله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"



تعليقات