سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

تجار الدم

كارثة!
إنها حقاً كارثة...
وكان الله في عونهم...

أهالي أطفال أتوبيس المعهد الأزهري بأسيوط
أكاد أسمع نحيب الأمهات الثكلى وأنين الأباء المكلومين...
كان الله في عونهم وثبت قلوبهم ورزقهم الصبر على هذه الفاجعة والابتلاء العظيم...
ولعل المصاب أكبر من تصوره لكن دعوني أذكركم بهذا الحديث الشريف الذي يحمل البشرى والطمأنينة للصابرين...


عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبتضم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك، واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد".

هنا يجب القول أن هناك جريمة ولا شك...
وطالما وُجِدت جريمة فلابد من مجرم ارتكبها... 
ولكن من المجرم؟
حكومة الثلاثة أشهر الحالية والرئيس الجديد أم حكومات ما بعد الثورة من أحمد شفيق ثم عصام شرف فالجنزوري كما قال الإعلامي حمدي قنديل في لقائه مع وائل الإبراشي، أم مبارك وحكومات الـ 30 عاماً من الفساد والظلم وسرقة ثروات الشعب وإهمال كل ما له علاقة بمصلحة المواطن؟!

هل المجرم من استلم بلد خربانة فوقاني تحتاني أم من خربها على مدار ثلاثة عقود؟
 أنا لا أعفي النظام الحالي من التقصير أو الأهمال الجزئي، لكن لنكن منصفين. هل الحالة المتهالكة التي وصلت إليها سكك حديد مصر حتى تصدر السفارة الإيطالية تحذير لرعاياها من ركوب القطارات المصرية! وللعلم هذا التحذير كان قبل الثورة!!!

الشيء المرير والقذر في هذه الفاجعة هو تجار الدم!
حفنة من الإعلاميين والمتلونين والمتمسحين بالثورة، بينما ماضيهم المقزز سيضل يلاحقهم مهما حاولوا التخفي والتلون مثل الحرباء. هؤلاء راحوا ليملأوا الدنيا عويلاً وصراخاً وجعجعة زائفة متاجرين بذلك بدماء هؤلاء الأطفال وآلام ذويهم...
هؤلاء الإعلاميون هم أنفسم من خرصت ألسنتهم المشقوقة نصفين أيام عهد مبارك ونكباته بل كانوا يسبحون بحمده ويمدحونه... الآن صاروا أبطالاً وأشاوس، توشحوا بالوطنية واعتلوا منابر النفاق والكذب. لكن هيهات هيهات... فالجميع يعلم من أنتم وأنكم أبواق الفلول وذيول النظام السابق. بعتم الشرف والأخلاق والمهنية ومسئولية الكلمة مقابل من يدفع... والحقيقة أنكم  بذلك لا مشكورين ولا محمودين تساعدون الناس المخدوعة فيكم على رؤية الحقيقة المخجلة وراء الأقنعة البراقة والكلمات الرنانة.

نعم مصر تمر بفاجعة مؤلمة...
نعم سالت الدماء الطاهرة الذكية وفاضت الأروح البرئية إلى خالقها...
لكن يوم الفصل سيكون ميقات من تسبب في إزهاق أرواحهم...

إن نظام مبارك خلف وراءه من الخراب والتدهور والفقر والفساد ما نحتاج لسنين كي نقيمه ونصلحه ونطهر البلد من دنسه، وليس مجرد شهور...
فالخراب طال كل شيء.... الخدمات والمنشآت والبنية التحتية والتعليم والصناعة والزراعة والصحة وغيرها.
والأخطر من هذا كله خراب ذمم وضمائر من عاشوا في كنف هذا الفساد ولازالوا يحاربون من أجل عودته في أي صورة كانت.

 
أقول أنه لابد من محاسبة المسؤول عن هذه الكارثة من أصغر إلى أكبر مسؤول حالي أو سابق...
لكن ولا تزر وازرة وزر إخرى...
كل على قدر تقصيره وإهماله ومشاركته في الجريمة.


تعليقات

ربنا يرحمهم ويصبر أهلهم

وربنا ينتقم من الظالم ومن كل من تسبب في ذلك