سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

من جديد.. كيلو اللحمة وحلم السفر لإيطاليا!

هذا المقال سبق أن نشرته بنفس الإسم "كيلو اللحمة وحلم السفر لإيطاليا!" في واقعة شبيهة لكنها أقل
فداحة، يومها غرق ثلاثة من شباب مصر أحدهم يبلغ من العمر 16 عام وفي الصف الثالث الإعدادي .. وذلك في محاولتهم الهروب من المستقبل المظلم وقهر المعيشة.. المقال الذي وجد مكان له حينها على الصفحة الأولى لجريدة الشروق، أعاود نشره اليوم من جديد رغم الفارق المروع بين الحالتين من حيث عدد الضحايا والظروف التي تمر به البلاد..

رحمهم الله.. شباب ضاقت بهم السبل حتى لم يجدوا إلا محاولة الفرار مهما كانت المخاطر ثم يأتي من يتنطع اليوم ويصفهم بالحماقة والغباء وحتى من تم إنقاذهم، تتم معاملتهم وكأنهم مجرمين وليسوا ضحايا لواقع يزداد قتامة يوم بعد يوم ولا نعلم إلى أين المصير.. اللهم ارحمهم وارزق أهلم الصبر الثبات..

نص المقال المنشور بتاريخ 1 إبريل 2010


بالتأكيد هناك علاقة بين هذين الخبرين، طلب إحاطة بمجلس الشعب عن ارتفاع أسعار اللحوم والخبر الآخر خبر غرق ثلاثة من شباب مصر أحدهم يبلغ من العمر 16 عام وفي الصف الثالث الإعدادي! إضافة لآخرين مفقودين... تُرى هل ترون تلك العلاقة التي أراها؟ أما أن هناك خلل في نظارتي علماً أنها جديدة ولا أتوقع وجود هذا الخلل.
شباب في مقتبل العمر،مراحل تعليم مختلفة، أعمار متفاوتة لكن الهم واحد والحلم واحد والنهاية كانت ما رآيناه، لم يجد هؤلاء الشباب حل لمشكلتهم إلا أن يجازفوا بأرواحهم لعلهم يفوزون يوماً بكيلو لحمة! نعم كيلو لحمة أو ربما كيلو ونص... لم يجد هؤلاء الشباب سبيل للخروج من معاناتهم إلا أن يلقوا بأنفسهم في مراكب الموت لتحقيق حلم السفر لإيطاليا لعل الدنيا تبتسم لهم هناك بعد أن أُغلقت الأبواب في وجوههم في وطنهم!
حالة اليأس والإحباط التي يعيشها شباب مصر لاشك هي السبب في ما حدث وسيحدث مستقبلاً، والعجب أن بالتأكيد هؤلاء الشباب قد سمعوا سابقاً عن ماحدث لبعض من سبقوهم إلا أنه لا مفر ولم يعد أمامهم إلا هذا الباب أي كانت العواقب، فإن نجحوا فقد تحقق حلم السفر وجني بعض الأموال وإن لم يحدث وماتوا فقد ارتاحوا ووضعوا حد لمشاكلهم!
شباب مصر طاقة مهدرة حتى الآن لم تستغل ولم يتم توظيفها بشكل صحيح، بل تُركوا تتخبطهم الدنيا ويتملكهم الإحباط حتى ذهب بعضهم للعمل في إسرائيل بل والعيش هناك والزواج من إسرائليات. لم تجد الحكومة حل للأزمة الإقتصادية والتردي في أوضاع المعيشة إلا أن تتطالب الناس بأن يكفوا عن الإنجاب...!
انظروا للصين كيف غزت العالم بكلمة "صنع في الصين" حتى أنني صرت أشك أنني صيني وأنظر لوجهي كل يوم في المرآة للتأكد من أن عيني لم تصغر وتضيق! المواهب والمتفوقين يطفشون ويهاجرون، والعاطلين يقفزون في البحر ويموتون والبقية الباقية لا يجب أن تنجب أكثر من اتنين وإلا فالثالث منعرفوش ولا مكان له ولا محل له من الإعراب الحكومي.
على أي حال لا نتوقع أو ننتظر أي ردة فعل لحادث غرق هؤلاء الشباب غير مصمصة الشفايف أو بعض البرامج واللقاءات التي ربما تلقي باللوم على هؤلاء الشباب لأنهم لم يفعلوا مع عليهم وجلسوا فقط ينتظرون أن تحل لهم الحكومة مشاكلهم، ثم ينفض المولد ويُنسى الأمر حتى نسمع عن غرق مجموعة أخرى من الشباب المصري. رحم الله من راح من هؤلاء الشباب وألهم أهلهم الصبر والسلوان...أما نحن فربنا يعيننا ويحقق لنا حلم كيلو اللحمة!




تعليقات