سوترتما .. روايتي الثانية .. صدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

افهموا تسلموا!

وكما قال بناجمين فرانكلين الشيء الوحيد الأكثر كلفة من التعليم هو الجهل..

لا أبلغ على صحة هذه المقولة مما نشاهده يحدث كل يوم في عالمنا العربي، فأينما نظرنا وللأسف نجد الجهل قد ترك بصماته في مختلف مناحي الحياة وكافة المجالات.. فمن إهدار للثروات والطاقات وضياع للحقوق وتردي لحال العلم والتعليم ومظاهر الحياة بشكل عام إلى تفشي التراهات والتعلق بالتفاهات وتصدير متعمد للسطحيات والخرافات مع اختلال عام في منظومة القيم والأخلاق..

حتى صار الجهل اليوم هو أخطر الأسلحة الموجهة لصدور أوطاننا.. جهل يستنزف الطافات ويشتت الجهود ويبدد الأحلام..



والحق أن الجهل القائم والمتمكن ليس جهل محض تخاذل أو تراجع للرغبة في تحصيل العلم أو الإطلاع فقط، لكنه والأخطر من ذلك جهل مدبر ومقصود، حتى امتدت أذرعه في كل مكان.. جهل يراد به التغييب والترويض، فما أسهل أن ترعى قطيع من الجهال والمغيبين!

وإذا نظرنا للجهة المقابلة.. ورأينا حال التعليم لوجدناه لا حول ولا قوة أمام هذه الغول، تعليم ليس له صلة قرابة بالعلم إلا في تشابه حروف العين واللا والميم! تعليم مناهجه وكأنها من كوكب نائي.. بعيدة تماما عن احتياجات سوق العمل أو تأهيل الشباب لتقديم ما ينفعون به أنفسهم أو أوطانهم.. لتكون نهاية سنوات الدراسة كرسي محترم دائم على قهوة أو سرمحة في الشوارع أو صفحات الانترنت والانشغال بالكورة والمطربين وغيرهم وهذا طبعاً في أحسن الأحوال.

ثم هناك الجهل الذي يتسلل عبر مشاغل الحياة وضغوطها والجري ورا لقمة العيش، فلا يكون هناك فرصة أو مساحة لاطلاع أو قراءة أو متابعة أخبار أو فهم لمجريات ما يحدث هنا أو هناك..

وهذه واحدة من عواقب الجهل الوخيمة... فهم ما يجري .. استيعاب التحركات... تحليل الأقوال والمواقف.. أصبحت طلاسم للغالبية أو ربما تجد البعض يقول "وأنا مالي يا عم..هو أنا فيه دماغ.. يكش تولع.. أنا لاقي أكل أما أشغل بالي بفلان ولا علان"!

والحقيقة أن ما يحدث لعلان أو ترتان يا عزيزي له صلة مباشرة بلقمة العيش التي تتحدث عنها، ولا أبالغ إن قلت لك مثلاَ إن ترامب لو أصابه إمساك أو إسهال لوجدت حالة من الدربكة والزمبليطة في حمام بيتكم..

كل ما يحدث يا عزيزي يصب في مصلحتك.. تلك المصلحة التي تتسع يومياً لتحتوي كل القرارات الحكيمة والسياسات الرخيمة التي ليس لها غرض إلا مرهمتها..

النوايا الطيبة لا تكفي ولا تنفع عند ضياع الأحلام وفقدان الآمال في غدا أفضل، الدبة اللي خبطت صاحبها على دماغه كف جابت أجله كان نيتها تموت الدبانة اللي ممكن تزعجه..

أقول..
افهموا تسلموا!
باختصار نحتاج بعض من الفهم وقليل من المتابعة مع شوية من الإطلاع حتى نسلم وتسلم مصلحتنا جميعاً..


تعليقات